متابعة: مصطفى العرب
السبت، 11 كانون الأول/ديسمبر 2010، آخر تحديث 08:22 (GMT+0400)
ويكيليكس لم ينل الاهتمام العربي اللازم
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- صنع موقع ويكيليكس ووثائقه المسربة حول السياسة الأمريكية في المنطقة والعالم الحدث خلال الأسبوع المنصرم، وتسابقت وسائل الإعلام على نشر المواد التي تفاعل معها المحللون السياسيون والمعلقون.
ولكن البارز كان ردة الفعل العربي عليها، وخاصة من قبل المدونين و"الإعلام الإجتماعي أو الشعبي". فإذا كان تغييب الإعلام الحكومي للوثائق مفهوماً، إلا أن شبه تجاهل المدونات والمنتديات عن تناولها يبقى أمراً ملفتاً، خاصة وأنها "مغرمة" عادة بالبحث عما يمكن أن يحرج الحكومات والحكام، وينتقدون سياسة التعتيم. ويكفي مثلاً أن يقوم شخص بكتابة كلمة "فضيحة" على أي محرك بحث، ليكتشف حجم "المساهمة العربية" في هذه الكلمة.
بعض المدونات سيطرت عليها "عقلية المؤامرة،" واعتبرت أن التسريبات جزء من "مؤامرة يهودية" لإحراج البيت الأبيض وإشغاله عن الضغط على تل أبيب بملف المفاوضات والاستيطان، ورأوا أن عدم ورود وثائق محرجة للدبلوماسية الإسرائيلية خير دليل على ما يؤمنون به.
ودفع هذا الأمر بهم إلى تبني مواقف تصب ضمناً في صالح الحكومات التي يعارضونها، أو الاكتفاء بتناول المعلومات التي تتعلق بأنظمة عربية أخرى على سبيل "النكاية"، كما فعلت بعض المدونات المغربية التي تناولت الجزائر وبالعكس، وكذلك بعض المنتديات القطرية التي عرضت وثائق حول السعودية.
وعلى الجانب الآخر، كان "الإعلام الشعبي" الغربي يحتفي بما ورد على ويكيليكس، ويحاول التفتيش عن كل صغيرة وكبيرة في الوثائق للتنديد بسياسة حكوماته، متقدماً على نظيره العربي.
ولتحليل أسباب الظاهرة، قال الدكتور محمد البحرين، الاستاذ المساعد في الجامعة الأمريكية بالشارقة، والمتخصص في الإعلام والاتصال، إن هناك أربعة تفسيرات ممكنة لما جرى، أولها إن الوثائق المتعلقة بالشأن العربي كانت تضم تفاصيل سياسية معروفة للعامة، لجهة الموقف من إيران وطبيعة العلاقة مع واشنطن وما سوى ذلك من تفاصيل، فلم يمثل كشفها إلا إضافة محدودة لأصحاب "نظرية المؤامرة" من المدونين العرب.
أما الأمر الثاني، بحسب حديث البحرين لـCNN بالعربية، فهو حقيقة أن معظم المدونات العربية ليست مكرسة للهم السياسي بشكل كامل، مثل بعض نظيراتها الغربية، حتى أن المدونات التي تعنى بمناقشة السياسة الداخلية بشكل يومي معدودة على الأصابع، بينما يبدي الآخرون عناية "موسمية" بالأحداث.
وبالنسبة للأمر الثالث، فقد حدده البحرين بواقع أن الغالبية الساحقة من المدونات العربية التي تتابع الشؤون السياسية يحررها مدونون مصريون، وقد كانوا خلال الأسبوعين الماضيين منشغلين للغاية بمتابعة الانتخابات البرلمانية، وما رافقها من أحداث.
والأمر الرابع تمثل في تزامن التسريبات مع اختيار قطر لاستضافة كأس العالم 2022، وما تبع ذلك من إعراب الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، عن امتعاضه من قرار الفيفا، ورد الداعية الإسلامي يوسف القرضاوي عليه، ومن ثم الحديث القطري عن عدم ممانعة الدوحة لاستضافة المنتخب الإسرائيلي في حال تأهله لتلك الدورة.
وختم البحرين بالقول: "لقد ظهر بوضوح اهتمام المدونات والإعلام الإلكتروني العربي بقضية الانتخابات المصرية وحصول قطر على حق استضافة كأس العالم، وقد أثر ذلك على متابعة ويكيليكس."
وفي استطلاع لموقع CNN بالعربية طرح تساؤلا هو: هل تعتقد أن الشارع العربي تفاجأ بالمعلومات الواردة حول أنظمته على ويكيليكس؟ صوت 80% بالنفي، و20% بالإيجاب.
قرصنة موقع جريدة الأخبار الخميس
وأنفردت صحيفة الأخبار اللبنانية بالحصول على حق حصري بين الصحف العربية لنشر وثائق من ويكيليكس حتى قبل ظهورها على الموقع، لمعرفة كيفية تعامل الشارع العربي مع المعلومات التي تنشرها. إلا أنها، وقبيل نشر التقرير، تعرض موقع الإلكتروني لقرصنة، دون أن تحدد هوية الجهة المسؤوله عن ذلك.
وعودة إلى ابتعاد الإعلام الشعبي عن نشر ويكيليكس، تحدثت CNN بالعربية إلى حسن عليّق، الكاتب والمحرر في القسم السياسي بصحيفة الأخبار اللبنانية، التي أكد وجود "وثائق حصرية من مصدر موثوق ينقل لها ( الصحيفة) المعلومات من الموقع،" وقال متحديا: "ما من صحيفة عربية أخرى قامت بخطوة مماثلة."
ولدى سؤاله عن سبب تفرد الصحيفة المعروفة بعلاقتها القوية بالمعارضة اللبنانية بقيادة حزب الله بهذه الوثائق، قال عليّق: "هناك عدة أسباب، منها أنه في العالم العربي لا يوجد دولة واحدة تسمح للصحفيين بنشر مواد تمس الأنظمة إلا لبنان، وفي داخل لبنان نفسه، لا يوجد صحيفة مثلنا تعمل بسقف مرتفع وقادرة على طرح أمور قد يعترض عليها النظام المحلي أو العربي."
وعن رأيه في موقف الإعلام العربي من الوثائق ومواد ويكيليكس قال عليّق: "هناك بالفعل تقصير وتجاهل من الإعلام العربي، ومثال على ذلك قيام الإعلام السعودي مثلاً بالتركيز على مدى يومين على قضية التسريبات حول الوضع الصحي للمرشد الإيراني، علي الخامنئي، وسط تجاهل لسائر المعلومات الواردة حول السعودية ووضع الحكم فيها. وهذا يعود لأن مستوى الديمقراطية في العالم العربي منخفض للغاية والصحافة بمعظمها تابعة للأنظمة ولن تجرؤ على طرح ما قد يمس بها أو يحرجها أو يكشف طبيعة علاقتها التبعية بالولايات المتحدة."
ورفض الصحفي اللبناني تفسير برودة بعض وسائل الإعلام العربية بمتابعة الوثائق بواقع أنها لم تُحدث صدمة للشارع العربي الذي يدرك طبيعة علاقة أنظمته بالولايات المتحدة، وقال إن المعلومات المسربة تشكل صدمة على صعيد واقع "تبعية الأنظمة العربية لواشنطن إلى الدرجة التي يمكننا معها الحديث عن عمل بعض القادة وكأنهم مخبرين للولايات المتحدة."
وأضاف: "رغم أن هذا أمر معروف للشعوب العربية، غير أن أهمية التسريبات تكمن في أنها وثائق رسمية صادرة عن الولايات المتحدة، التي تفتخر الأنظمة العربية على الدوام بتأكيد علاقات التحالف معها، الأمر الذي يضع الأنظمة في موقف محرج لأنها غير قادرة على نفي الوثائق والطعن في مصداقيتها كما تفعل مع الوثائق التي تعرضها القوى المعارضة."
وبالنسبة لردة فعل اللبناني على نشر الصحيفة للوثائق، قال: "ردة الفعل في الداخل اللبناني نلمسها أكثر من سائر الدول، وذلك بسبب طبيعة الوثائق التي عرضناها عن لبنان، والتي تفضح الكثير من الأمور التي كان البعض يتحدث عنها دون وجود دليل حتى ظهرت الوثائق، ونعتبر ردة الفعل في لبنان ممتازة على المستوى والشعبي."
وتابع: "لقد سارع السياسيون الذين وردت أسماؤهم في الوثائق إلى إصدار بيانات توضيحية، غمز بعضها من قناة السفيرة الأمريكية السابقة، ميشال سيسون، ولكن الملاحظ أنهم لم يسيروا باتجاه نفي المعلومات، بل الاكتفاء بالقول إنها مجتزأة أو خارج عن سياقها الحقيقي، كما فعل وزير الدفاع ميشال المر، والوزير السابق مروان حمادة، ولكننا نجحنا في جعل الموضوع من يوميات النقاش السياسي اللبناني، خاصة وأنه أظهر صحة مواقف بعض القوى حيال الطبقة الحاكمة."
وتوقع عليّق أن يزداد الاهتمام العربي تدريجياً بالوثائق التي يسرّبها موقع ويكيليكس، خاصة أن ما جرى عرضه حتى الآن لا يتجاوز 900 وثيقة من أصل 250 ألف وثيقة سيصار إلى عرضها تباعاً، وستضم ما وصفه بـ"المادة الجديدة" عن العلاقات الحقيقية بين الولايات المتحدة والأنظمة العربية.